موقع الشاعر إيهاب الأمين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    طبقية التعليم و الآثار السالبة المترتبة عليها

    avatar
    جون كينغ
    عضو
    عضو


    ذكر عدد الرسائل : 11
    المكان : ودالمنسي
    العمل : معلم
    تاريخ التسجيل : 07/02/2012

    طبقية التعليم و الآثار السالبة المترتبة عليها Empty طبقية التعليم و الآثار السالبة المترتبة عليها

    مُساهمة من طرف جون كينغ السبت 13 يوليو 2013 - 9:13

    طبقية التعليم و الآثار السالبة المترتبة عليها
    من المسلّم به أن أي أمة في الدنيا تريد أن تنهض في جميع مفاصل الحياة عليها الإهتمام بالتعليم, و وضع معايير و قواعد للإرتقاء بالتعليم من أجل الحصول على أجيال متعلمة تعليما مميزا يسهم في نهضة و تنمية الشعوب, و لنا في دول النمور الآسيوية أسوة حسنة.
    أولى هذه المعايير التعليمية المقدرات الذهنية لكل فرد, فكان الإستيعاب في المدارس و الجامعات يعتمد على نسبة التحصيل التي يحصل عليها الطالب فهي المعيار لدخول المدارس بغض النظر عن الخلفية الإجتماعية التي ينتمي إليها الطلبة سواء كانوا فقراء أو أغنياء أو أبناء ذوات فالكل سواسية لا فرق بينهم إلا بالتحصيل الأكاديمي. و قد أتت هذه السياسة أكلها. كان الطلبة المتفوقين في جميع السودان يقبلون في مدارس حنتوب الثانوية و خور طقت و وادي سيدنا و الخرطوم القديمة الثانوية وغيرها من المدارس المميزة حيث لم يكن في ذلك الوقت سرطان المدارس الخاصة منتشرا. كان الطلاب يختارون من جميع أنحاء السودان وفقا لشروط تربوية و أكاديمية معينة. كانت هذه المدارس تشكل فسيفساء السودان بكل عرقياته وثقافاته المتنوعة, لأن الطلبة جميعهم كانوا من مناطق مختلفة فكل طالب يأتي حاملا معه ثقافته وعاداته. ففي هذه المدارس ترى السودان المصغر بكل قومياته و ثقافاته مما نتج عنه مانسميه اليوم بتلاقح الثقافات و الأفكار- أي بإمكان الطالب أن يكون ملما بثقافات الجنوب أو الشمال أو الشرق أو الغرب أو الوسط دون أن يكون من هذه المناطق بسسب وجود أبناء تلك المناطق معه في مدرسة واحدة- فقد لعبت هذه المدارس دورا رائدا في جعل التباين الثقافي و العرقي مصدرا للثراء المعرفي و الفكري بدل أن يكون مصدرا للصراعات و الحروب. هذا من الناحية الثقافية والإجتماعية و السياسية, أما من الناحية الأكاديمية فكان خريجي هذا المدارس يشهد لهم بالكفاءة و المهنية العالية و الخدمة المدنية خير من يشهد على ذلك. فقد تخرج فيها أبناء فصاروا أطباء و مهندسين و قضاة و معلمين ومحامين ناجحين. أقسم بالله لو درس البعض منهم في هذا العهد السيئ لما وجدوا فرصة في تعليم مميز بسسب طبقية و تخصيص التعليم.
    المؤسف حقا أن الذين تعلموا في هذه المدارس تنكروا لها وجففوها لأنها كانت منبع الوعي و الثقافة فشردوا طلبتها بتذويبهم في مدارس لا تسوى معها شيئا. فهم يتخوفون من وجود طلبة واعين و مثقفين, يريدون طلبة يقولون في كل شيء: (حاضر يافندم (Yes, sir و تعاملوا مع هذه المدارس بمبدأ (سأرمي السلم بعد أن أصعد القمة حتى لا يصعد أحد بعدي). أيضا تم تحويل عدد من هذه المدارس إلى جامعات, لكنها لم ترتق لدرجة جامعات, لأنها لم تبن أصلا لتكون جامعات فهي مازالت تشبه الثانويات ولو ملئت باللافتات التي تحمل أسماء كليات.
    اليوم صار التميز في التعليم يتم بناء على و ضع الطالب المادي إذ لا توجد فرصة لمن هو فقير أن يلتحق بمدرسة تناسب تحصيله حتى ولو كان بعبقرية إبن سيناء و إنشتاين و فيثاغورس, لماذا؟ لأن أسرته فقيرة. و على العكس تماما تجد أبن أحد الذوات يدرس في أفضل المدارس الخاصة حتى و لو كان بمستوى بلادة وبلاهة هبنقة, لماذا؟ لأنه أسرته ثرية. هذا لا يعني أن كل طلبة المدارس الخاصة من الضعيفين أكاديميا فكثير من المدارس الخاصة تبوأت مقامات عالية في إمتحانات مرحلة الأساس و الشهادة السودانية. لكن بعض من هذا النجاح كان خصما على المدارس الحكومية لأسباب سأذكرها في موقع آخر من المقال.

    في أحايين كثيرة قد يثير هذا التمييز الطبقي في التعليم نوع من الحقد الحسد و الغيرة بين الطلبة الذين ينتمون لطبقات إجتماعية مختلفة. إن التمييز الطبقي في التعليم ساهم في إزدياد تسرب الطلبة من المدارس خاصة في المدن الكبيرة. لقد صارت النظرة للمدارس الحكومية و طلبتها نظرة سلبية جدا تسبب فيها قلة مرتبات المعلمين و هجرة معلميها إلى المدارس الخاصة التي توفر لهم مرتبات عالية, مما جعل أولياء الأمور يفضلون المدارس الخاصة.
    السياسة التعليمية التي يتبعها النظام الحاكم في السودان كرست طبقية التعليم, لأنه لا يريد أن يتحمل مسئوليته الأخلاقية في تعليم شعبه. إذا كان لابد من التمييز في التعليم فيجب أن يكون بناء على المقدرات العقلية حيث يتبع نظام تعليمي حكومي يتبع لوزارة التربية و التعليم مباشرة و تأسيس مدارس يتم القبول فيها بناء على الدرجات التي يحرزها الطلاب كما في السابق. الآن و بصورة خاصة في مدارس الريف تجد الطالب الذي أحرز أعلى درجة يدرس مع طالب أحرز أدنى درجة. في هذه الحالة ستختفي روح المنافسة بين الطلاب مادام الكل يدرس في مدرسة واحدة يتساوى فيها الأول و (الطيش) كان الأجدى أن تكون لكل واحد منهما مدرسة تليق بمقدراته العقلية. إن من سلبيات التعليم المحلي- أي أن يدرس الطالب في المنطقة التي ولد و نشأ فيها- اللهم إلا فترة الجامعة فهي قصيرة نسبيا إذا ماقورنت بسنين الدراسة التي تسبقها, هي أن الطالب لا يعرف مناطق السودان الأخرى و لا يكون ملم بجغرافيا و ثقافات و عادات و قوميات بقاع السودان الأخرى إلا من رحم ربي.
    أنا لست ضد المدارس الخاصة بالمطلق, لكنني ضدها عندما تبني نجاحها و مجدها علي حساب المدارس الحكومية. الحكومة تجاهلت المدارس الحكومية النموذجية لتكون مكانا للمتفوقين من جميع أبناء الوطن مما ترك فراغا سارعت المدارس الخاصة بإستغلاله. هنا في المناقل تم تحويل مدرسة ثانوية حكومية لتكون مدرسة خاصة تتبع للمجلس الأفريقي للتعليم الخاص, هذا التحويل تم بتواطؤ إدارة التعليم الثانوي. التعليم الخاص يتغول على البنى التحتية التعليمية الحكومية كالأخطبوط. فلتبني إدارة التعليم الغير حكومي مؤسساتها الخاصة بها.
    *معا من أجل مجانية التعليم
    *معا من أجل محاربة طبقية التعليم
    *معا من أجل إيقاف تخصيص التعليم
    وختاما أترككم مع هذه الأبيات الشعرية من رائعة محجوب شريف (حنبنيهو):
    وطن بالفيهو نتساوى
    نحلم..
    نقرا
    نتداوى
    مساكن
    كهربا ومويه..
    تحتنا الظلمه تتهاوى
    نختّ الفجرِ طاقيّه
    وتطلع شمس مقهوره
    بخط الشعب ممهوره
    تخلي الدنيا مبهوره
    إراده
    وحده شعبيّه

    عبد الرحمن حسب الرسول عبد الرحمن عمر
    ود المنسي/ 13/تموز/2013م
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 29 أبريل 2024 - 11:16