أم درمان تحتضر
محمد الواثق
الخرطوم 1969
لا حبـذا أنتِ يا ام درمانُ من بلدٍ أمْطَرْتنِي نَكَـداً لا جـادك المطرُ
من صحنِ مسجدِها حتى مشارفها حطَّ الخمولُ بها واستحكم الضجرُ
ولا أحِـبُّ بلاداً لا ظــلالَ لها يُظلُّـها النيـمُ والهجْليجُ والعُشَرُ
ولا أُحِبُّ رجالاً من جــهالتِهم أمـسى وأصبـح فيهم آمناً زُفَرُ
أكلَّما قام فيــهم شـاعرٌ فَطِنٌ جَمُّ المقـالِ نبيـلُ القلبِ مُبْتكِرُ
ضـاقوا بِهِمَّتِه واستدبروا جزعاً صـمُّ القلوبِ وفي آذانهـم وَقَر
أكلَّما غَرَسـتْ كفي لهم غَرساً كانوا الجرادَ فـلا يُبقى ولا يذر
المظهـرونَ بياضَ الصبحِ خَشْيتَهم والمفـسدون إذا ما صرَّح القمرُ
*** *** ***
قمـيصُ يوسُفَ في كفِّي أَليحُ به
قميصَ يوسُفَ لم يرجِع لهم بصر
ولا أحـبُّ نساءً إن سَفَرْنَ فقد
تحجَّر الحـسنُ والإشراقُ والخَفرُ
مـن كُلِ مـاكرٍة في زِي طاهرٍة
في ثوبِها تَسْتَكِّــن الحَيْةُ الذكر
يا بعضَ أهلي سئمتُ العيشَ بينكم
وفي الرحيـلِ لنا من دونكم وَطَرُ
*** *** ***
سألتك الله ربَ العـرشِ في حُرَقٍ إنِّي ابتأستُ وإنِّي مـسَّنى الضـرَرُ
هـل تُبْلِغَنِّي حقولَ الرونِ ناجيةٌ تطـوي الفـضاء ولا يُلْفَى لها أثر
قربَ الجبالِ جبالِ الألبِ دَسْكَرةٌ قد خصَّها الرِّيفُ، لا همٌ ولا كَدَرُ
تلقاكَ مـونيك في أفْيَائِها عَرَضا غـضُّ الإهـابِ ووجهُ باغِمُ نَضِرُ
من صـبحِ غُرَّتِها حِيكَ الضياءُ لنا ومـسكُ دَارينَ من أردانِها عَطِرَ
مـونيكُ إني وما حجَ الحجيجُ له لم يُلْهِنى عنكمُ صَـحْوُ ولا سكَرُ
وعـهدُك الغرُّ في أغوارِ مُحْتَمِلٍ إني لذاكرهُ ما أورَقَ الشـــجرُ
*** *** ***
كيف اللقاءُ وقد عزَ الرحيلُ وما
يثْنِى عناني سـوى ما خطـَّه القدرُ
راحلــتي همتي لا تبتغي وطناً
لكـن يُقيدها الإشفـاقُ والحـذر
مونيكُ كانت لنا أم درمانُ مَقْبرةً
فيـها قَبرْتُ شـبابي كالأُلَى غَبَروا
إن الأنيسَ بها ســطرٌ أطالعُه
قـد بتُ أقرؤه حتى عفا النـظرُ
ثم أصطـحبت كُمَيْتَاً أستلذُ بها
وخلـت في سكرتي اُمْدرمانُ تُحْتَضرُ
محمد الواثق
الخرطوم 1969
لا حبـذا أنتِ يا ام درمانُ من بلدٍ أمْطَرْتنِي نَكَـداً لا جـادك المطرُ
من صحنِ مسجدِها حتى مشارفها حطَّ الخمولُ بها واستحكم الضجرُ
ولا أحِـبُّ بلاداً لا ظــلالَ لها يُظلُّـها النيـمُ والهجْليجُ والعُشَرُ
ولا أُحِبُّ رجالاً من جــهالتِهم أمـسى وأصبـح فيهم آمناً زُفَرُ
أكلَّما قام فيــهم شـاعرٌ فَطِنٌ جَمُّ المقـالِ نبيـلُ القلبِ مُبْتكِرُ
ضـاقوا بِهِمَّتِه واستدبروا جزعاً صـمُّ القلوبِ وفي آذانهـم وَقَر
أكلَّما غَرَسـتْ كفي لهم غَرساً كانوا الجرادَ فـلا يُبقى ولا يذر
المظهـرونَ بياضَ الصبحِ خَشْيتَهم والمفـسدون إذا ما صرَّح القمرُ
*** *** ***
قمـيصُ يوسُفَ في كفِّي أَليحُ به
قميصَ يوسُفَ لم يرجِع لهم بصر
ولا أحـبُّ نساءً إن سَفَرْنَ فقد
تحجَّر الحـسنُ والإشراقُ والخَفرُ
مـن كُلِ مـاكرٍة في زِي طاهرٍة
في ثوبِها تَسْتَكِّــن الحَيْةُ الذكر
يا بعضَ أهلي سئمتُ العيشَ بينكم
وفي الرحيـلِ لنا من دونكم وَطَرُ
*** *** ***
سألتك الله ربَ العـرشِ في حُرَقٍ إنِّي ابتأستُ وإنِّي مـسَّنى الضـرَرُ
هـل تُبْلِغَنِّي حقولَ الرونِ ناجيةٌ تطـوي الفـضاء ولا يُلْفَى لها أثر
قربَ الجبالِ جبالِ الألبِ دَسْكَرةٌ قد خصَّها الرِّيفُ، لا همٌ ولا كَدَرُ
تلقاكَ مـونيك في أفْيَائِها عَرَضا غـضُّ الإهـابِ ووجهُ باغِمُ نَضِرُ
من صـبحِ غُرَّتِها حِيكَ الضياءُ لنا ومـسكُ دَارينَ من أردانِها عَطِرَ
مـونيكُ إني وما حجَ الحجيجُ له لم يُلْهِنى عنكمُ صَـحْوُ ولا سكَرُ
وعـهدُك الغرُّ في أغوارِ مُحْتَمِلٍ إني لذاكرهُ ما أورَقَ الشـــجرُ
*** *** ***
كيف اللقاءُ وقد عزَ الرحيلُ وما
يثْنِى عناني سـوى ما خطـَّه القدرُ
راحلــتي همتي لا تبتغي وطناً
لكـن يُقيدها الإشفـاقُ والحـذر
مونيكُ كانت لنا أم درمانُ مَقْبرةً
فيـها قَبرْتُ شـبابي كالأُلَى غَبَروا
إن الأنيسَ بها ســطرٌ أطالعُه
قـد بتُ أقرؤه حتى عفا النـظرُ
ثم أصطـحبت كُمَيْتَاً أستلذُ بها
وخلـت في سكرتي اُمْدرمانُ تُحْتَضرُ